غادر منتخب فلسطين الملقب بالفدائي بطولة كأس العرب من الدور ربع النهائي بخسارة غير مستحقة أمام نظيرة السعودي، غادر البطولة بصافرة لم تنصفهم كانت متحاملة على الفلسطينيين بطريقة واضحة، ورغم ذلك تعامل نجوم الفدائي بانضباط ومسؤلية عاليين للحفاظ على هيبة المنتخب والإنجاز، غادر منتخب الفدائي البطولة ولم ولن يغادر ذاكرتها، وسيبقى ما قدمه الفدائيون من روح مثابرة وفنون جميلةً عالقة في الأذهان، لصدارته مجموعته التي ضمت قطر وتونس وسوريا وجارى المنتخب السعودي وكان يحتاج لتجاوزه لأمرين فقط وهما التوفيق والعدل، لكن الفدائي فقد الأمرين فغادر مرفوع الرأس وهو يغني كلمات سميح القاسم ويردد كصوت مارسيل خليفة :” منتصب القامة أمشي مرفوع الهامة أمشي”.
لقد أثبتت الكرة الفلسطينية تطورها ونهضتها وفهم متقدم لنجومها بعمق رسالتها، فكانوا خير سفراء لشعب الصمود الرافض الإنصياع لقوة المحتل وبطشه، وفي ذاكرة كل منهم ألف موقف للمحتل الصهيوني يدفعهم لتقديم المزيد، ورغم ذلك يشعرون بالتقصير كون الهدف كبير، ففلسطين في قلب وعقل وضمير كل منهم تستحق الجهد والعرق لتبقى خالدة في عمق الحضارة الإنسانية بقوة وتماسك وصلابة شعبها، وبراعة علمائها وقدرة خبرائها وعظمة نسائها، وبإلهام شعرائها وروعة صوت مطربيها وإبداع لاعبيها ليفرح أطفالها ويكبروا على أن كل فلسطيني فدائي مهما اختلف الموقع.
غادر الفدائيون بطولة عرب أدخلتهم التاريخ وجعلت الجميع يتوقعون لهم الأفضل بأن يكونوا الحصان الأسود في البطولات القادمة، لا سيما أن غالبية لاعبو منتخب فلسطين يحترفون في بطولات خارجية وقوية في الأردن، قطر، مصر، ليبيا، الكويت، ألمانيا، الولايات المتحدة، البيرو، والدنمارك، لذا يملكون قدرات متنوعة ولياقة كاملة، وشكل المنتخب حالة إجماع وطني فلسطيني في الضفة وغزة والشتات والقدس وفلسطين التاريخية كاملة، فاختفت الرايات وتراجعت أصوات المنظمات وتوحد الشعب خلف منظومة كروية تبدع وتوصل رسالة فلسطين للعالم، وتوحدت الشعوب العربية بتشجيع الفدائي فإن كان الأول في قلوب الفلسطينيين فهو الثاني في قلوب جميع العرب، ليدرك العالم عظمة هذا الشعب وأحقيته بحياة كريمة في دولته المستقلة.
آخر الكلام:
قدم نجوم فلسطين عرقهم وجهدهم وقدم آخرون أرواحهم لانها سيدة الجميع كما قال محمود درويش:
عَلَى هَذِهِ الأرْضِ مَا يَسْتَحِقُّ الحَيَاةْ
عَلَى هَذِهِ الأرضِ سَيَّدَةُ الأُرْضِ
أُمُّ البِدَايَاتِ أُمَّ النِّهَايَاتِ
كَانَتْ تُسَمَّى فِلِسْطِين
صَارَتْ تُسَمَّى فلسْطِين
سَيِّدَتي: أَستحِقُّ، لأنَّكِ سيِّدَتِي، أَسْتَحِقُّ الحَيَاةْ.
الوسيط مجلة إخبارية يومية