الوسيط مجلة إخبارية يومية
قرن بالتمام والكمال مر على نهاية تعيين اليهودي هربرت صموئيل حاكماً مدنياً لفلسطين، ورفضت الصهيونية العالمية إلا أن تحتفل بطريقتها الخاصة بهذه المناسبة، ليعلن قورش الفارسي المستنسخ على صورة دونالد ترامب تعيين رئيس وزراء بريطانيا الأسبق توني بلير حاكماً مدنياً لغزة، وكأن واشنطن تريد العودة بالعالم لسنوات الاستعمار وتستعيد الصورة القاتمة للظلم والقهر والاستعباد من جديد، حين كان حاكم مدني أمريكي أو بريطاني يحكم ويتحكم في ألمانيا واليابان بعد الحرب العالمية الثانية وبورتوريكو والهند والفلبين في القرنين الماضيين.
وبلير وصموئيل وجهان لعملية مزدوجة فهم يخدعون الفلسطينيين باتجاه ويخدمون الصهاينة في الاتجاه الآخر، ولكل منهما تاريخ كبير في تجارة الكذب وتسويق الأوهام مع أفضلية لبلير الذي تبنى كذبة وجود أسلحة دمار شامل في العراق، ولم يهدأ حتى دمر العراق وقتل من سكانها حوالي مليون ونصف عراقي، وانتقل عقب ذلك ليعاقب الفلسطينيين على رغبتهم في التحرر من خلال دوره كمبعوث للشرق الأوسط لما أطلق عليها باللجنة الرباعية، وهي هيئة غير فعالة ولا تتمتع بأي صلاحيات وغايتها التوصل إلى اتفاق سلام بين الكيان الصهيوني والفلسطينيين، وفشلت في عملها بسبب انحياز بلير للجانب الصهيوني بشكل فاضح وعلني، ليصبح شخصية غير محبوبة وغير مرغوب به فلسطينياً.
ولا يتوقع أن يتحول بلير لنزيه ورجل حق قادر على دعم القضية الفلسطينية خلال الفترة القادمة، كون المواقف التاريخية جعلتنا نتعلم بأن من توافق عليهم الصهيونية إما من أفرادها أو لدى الصهيونية العالمية ملفات لهم تجعلهم يغرقون وينتهون سياسياً إذا تكلموا، وأحد أبرز هذه الشخصيات هو الرئيس الامريكي ترامب الذي له ملف كامل في فضائح جيفري إبستين، ولم تعلن الجهات الرسمية في الولايات المتحدة عن عدد المرات التي ذُكِرَ فيها إسم ترامب في اعترافات إبستين بفضيحة جزيرة الشيطان وربما نجد فيها ذكراً لبلير.
ولا يعتبر منصب بلير جديد على العالم وبالذات العالم العربي حيث شغل الأمريكي بول بريمر منصب الحاكم المدني للعراق بصفته رئيس سلطة التحالف المؤقتة في أعقاب غزو الولايات المتحدة للعراق، وشغل الأمريكي دوغلاس ماك آرثر منصب رئيس حاكم اليابان بعد الحرب العالمية الثانية، ولوسيوس دي. كلاي الحاكم العسكري الأمريكي في ألمانيا (المنطقة الأمريكية)، إضافة لعدد من الحكام المدنيين في بورتو ريكو والفلبين ومنهم وليام هوارد تافت أول حاكم مدني للفلبين تحت الاحتلال الأمريكي، قبل أن يصبح لاحقًا رئيسًا للولايات المتحدة، وفي الهند عيّنت بريطانيا العديد الحكام المدنيون البريطانيون في الهند (نواب الملك) ومنهم اللورد كرزون، اللورد ماونتباتن.
آخر الكلام:
اختار ترامب ترشيح توني بلير لادارة غزة لأن الشيطان لم يكن متوفراً.
