كلما وطئت قدماي تونس، أشعر وكأنني أفتح ديواناً لا ينتهي، كل ورقة فيه مرسومة بحبر البحر وعبق التاريخ، هنا، على شواطئها، يكتب المد والجزر مقطوعات موسيقية تعزفها الأمواج بلا كلل، بينما تروي المدن العتيقة فصولاً من الحكايات، كأنّها جدائل من نور تحفظ ذاكرة الأزمنة.
في أزقتها الملتفة، حيث تتشابك روائح الياسمين مع التوابل، تشعر أنّ قلبك يُستدرج إلى عشق لا دواء له، الأسواق ليست مجرد مكان للبيع والشراء، بل مسرح للألوان والأصوات، وحكاية للروح العربية التي تسكن تفاصيل الحياة اليومية، أما الموانئ، فهي مرايا للسماء، تفتح ذراعيها نحو الأفق، كمن يدعو للحلم والترحال.
تونس ليست محطة عابرة في دفتر السفر، بل وعد دائم بالجمال، لوحة فسيفسائية نسجتها حضارات تعاقبت، فتركت في روحها بصمات خالدة، تصوغ منها هوية متفرّدة تفيض بالبهاء.
وعلى هذه الأرض الكريمة، اجتمعنا في البطولة العربية الـ11 لألعاب القوى، فشهدنا تنظيماً راقياً يليق بتاريخها، وضيافة تونسية أصيلة تفيض دفئاً وإنسانية.
لقد أثبتت تونس أنّ الرياضة، مثل الشعر، لغة توحّد القلوب وتفتح نوافذ المحبة بين أبناء الأمة.
شكراً للاتحاد العربي والجامعة التونسية لألعاب القوى على هذا اللقاء الذي جمع العرب في ميدان التنافس الشريف، حيث تلتقي العزيمة بالجمال، ويصير العرق الذي يسقط من جبين الرياضيين، قصيدةً أخرى تُضاف إلى ديوان تونس.
شكراً تونس… أيتها الأرض التي تفتح قلبها لكل قادم، والروح التي تمنح الجمال بلا حدود.
وملتقانا القادم، بلا شك، سيكون مكللاً ببهاء أكبر، كأنك كل مرة تولدين من جديد، قصيدةً لا تنتهي.
