في ليلةٍ استثنائيةٍ تحت سماء سوسة المتلألئة، احتفلت تونس بالذكرى الثامنة والستين لعيد الجمهورية يوم 25 يوليو 2025، ضمن فعاليات الدورة 62 لمهرجان أوسو، حيث تجمع أكثر من 200 ألف متفرج في شوارع المدينة ومحيطها ليشهدوا عرضاً فنياً ووطنياً لا يُضاهى. كانت السهرة لوحةً نابضةً بالحياة، مزجت الأصالة والحداثة، وألهبت حماس الجمهور، وخاصة الشباب، في احتفالٍ عكس روح تونس النابضة بالفخر والإبداع.
انطلقت الأمسية بعرضٍ صوفيٍّ ساحر قدّمته فرقة محمد علي الجلالي الدولية، التي أخذت الحضور في رحلةٍ روحانية عبر أنغام المألوف التونسي، لتُمهد المسرح لوصلاتٍ غنائيةٍ متنوعة. دعماً للمواهب الشابة، تتالت عروض إسكندر الزرن بحيويته المعدية، ثم حمدي الشلغمي بأدائه المألوفي الأصيل، وصولاً إلى الرابور بليغ بن قزي “بوبو” الذي أضاف لمسةً عصريةً شبابية. وكانت الختامية مع فرقة “مادنس” التي أشعلت المسرح بالرقص والطاقة، حيث تحولت الساحة إلى مهرجانٍ من التفاعل والفرح.
وفي لحظةٍ مهيبة، وقف الجميع لتحية العلم التونسي، معبّرين عن اعتزازهم الوطني. ثم انفجرت الشماريخ لمدة ساعة، مضيئةً سماء سوسة بلوحاتٍ ضوئيةٍ مبهرة، في عرضٍ وصفه وليد بن حسن، رئيس جمعية استعراض أوسو، بأنه “الأفضل في إفريقيا”. هذا العرض لم يكن مجرد احتفالٍ بالجمهورية، بل كان رسالةً فنيةً تعكس جمال تونس ووحدتها.
وأكد بن حسن في تصريحه أن الدورة 62، التي انطلقت يوم 13 يوليو تحت شعار “أوسو بحر وفنون”، شهدت تنظيماً لوجستياً محكماً بالتعاون مع والي سوسة والأجهزة الأمنية، مما مكّن عشرات الآلاف من مغادرة المكان بسلاسة في أقل من ساعة. وأضاف: “مهرجان أوسو هو نتاج أيادٍ تونسية خالصة، من عربات الكرنفال إلى الفنانين، ونعد بكرنفالٍ تاريخي يوم 27 يوليو بمشاركة 14 عربة محلية الصنع”.
هذه الليلة لم تكن مجرد احتفالٍ، بل كانت لحظةً تاريخيةً جمعت الشعب التونسي تحت راية الفن والفخر الوطني، لتظل ذكراها محفورةً في قلوب الحاضرين وسجل سوسة الناصع.
